کد مطلب:90535 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:139

خطبة له علیه السلام (48)-بعد دخوله الکوفة آتیاً من البصرة















بِسْمِ اللَّهَ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ اَلْحَمْدُ للَّهِ الَّذی نَصَرَ وَلِیَّهُ، وَ خَذَلَ عَدُوَّهُ، وَ أَعَزَّ الصَّادِقَ الْمُحِقَّ، وَ أَذَلَّ الْكَاذِبَ الْمُبْطِلَ[1].

أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ تَعَالی أَرْسَلَ إِلَیْكُمْ مُحَمَّداً عَبْدَهُ وَ رَسُولَهُ، أَرْسَلَهُ بِالْهُدی وَ دینِ الْحَقِّ،

لِیُزیحَ بِهِ عِلَّتَكُمْ، وَ یُوقِظَ بِهِ غَفْلَتَكُمْ.

أَمَّا بَعْدُ، عَلَیْكُمْ یَا أَهْلَ هذَا الْمِصْرِ، بِتَقْوَی اللَّهِ وَ طَاعَةِ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ مِنْ أَهْلِ بَیْتِ نَبِیِّكُمْ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ الَّذینَ هُمْ أَوْلی بِطَاعَتِكُمْ مِنَ الْمُنْتَحِلینَ[2] الْمُدَّعینَ الْمُقَابِلینَ إِلَیْنَا، الْقَالینَ لَنَا،

الَّذینَ یَتَفَضَّلُونَ بِفَضْلِنَا، وَ یُجَاحِدُونَا أَمْرَنَا، وَ یُنَازِعُونَا حَقَّنَا، وَ یُدَافِعُونَا عَنْهُ، فَقَدْ ذَاقُوا وَبَالَ مَا اجْتَرَمُوا فَسَوْفَ یَلْقَوْنَ غَیّاً[3].

یَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، فَإِنَّ لَكُمْ فِی الإِسْلاَمِ فَضْلاً مَا لَمْ تُبَدِّلُوا وَ تُغَیِّرُوا، دَعَوْتُكُمْ إِلَی الْحَقِّ فَأَجَبْتُمْ،

وَ بَدَأْتُمْ بِالْمُنْكَرِ فَغَیَّرْتُمْ[4].

أَنْتُمُ الأَنْصَارُ[5] عَلَی الْحَقِّ، وَ الإِخْوَانُ[6] فِی الدّینِ، وَ الْجُنَنُ یَوْمَ الْبَأْسِ، وَ الْبِطَانَةُ دُونَ النَّاسِ[7]. بِكُمْ أَضْرِبُ الْمُدْبِرَ، وَ أَرْجُو تَمَامَ[8] طَاعَةِ الْمُقْبِلِ.

فَأَعینُونی بِمُنَاصَحَةِ خَلِیَّةِ مِنَ الْغِشِّ، سَلیمَةٍ مِنَ الرَّیْبِ. فَوَ اللَّهِ إِنّی لأَوْلَی النَّاسِ بِالنَّاسِ.

[صفحه 458]

كَأَنّی بِكِ، یَا كُوفَةُ، تُمَدّینَ مَدَّ الأَدیمِ الْعُكَاظِیِّ، تُعْرَكینَ بِالنَّوَازِلِ، وَ تُرْكَبینَ بِالزَّلاَزِلِ.

وَ إِنّی لأَعْلَمُ أَنَّه مَا أَرَاد بِكِ جَبَّارٌ سُوءاً إِلاَّ ابْتَلاَهُ اللَّهُ بِشَاغِلٍ، أَوْ رَمَاهُ بِقَاتِلٍ.

أَلاَ إِنَّ فَضْلَكُمْ فیمَا بَیْنَكُمْ وَ بَیْنَ اللَّهِ، فَأَمَّا فِی الأَحْكَامِ وَ الْقَسْمِ فَأَنْتُمْ أُسْوَةُ غَیْرِكُمْ مِمَّنْ أَجَابَكُمْ وَ دَخَلَ فیمَا دَخَلْتُمْ فیهِ[9].

أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَیْكُمْ خَلَّتَانِ اثْنَتَانِ:

إِتِّبَاعُ الْهَوی، وَ طُولُ الأَمَلِ.

فَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوی فَیَصُدُّكُمْ[10] عَنِ الْحَقِّ.

وَ أَمَّا طُولُ الأَمَلِ فَیُنْسیكُمُ[11] الآخِرَةِ.

أَلاَ وَ إِنَّ الدُّنْیَا قَدْ وَلَّتْ حَذَّاءَ[12]، فَلَمْ یَبْقَ مِنْهَا إِلاَّ صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الإِنَاءِ اصْطَبَّهَا صَابُّهَا.

أَلاَ وَ إِنَّ الآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ صَادِقَةً[13].

وَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا بَنُونَ، فَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ[14]، وَ لاَ تَكُونُوا مِنْ أَبْنَاءِ الدُّنْیَا،

فَإِنَّ كُلَّ وَلَدٍ سَیُلْحَقُ بِأَبیهِ[15] یَوْمَ الْقِیَامَةِ.

وَ إِنَّ الْیَوْمَ عَمَلٌ وَ لاَ حِسَابٌ، وَ غَداً حِسَابٌ وَ لاَ عَمَلٌ.

وَ اعْلَمُوا، عِبَادَ اللَّهِ، أَنَّكُمْ مَیِّتُونَ وَ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ، وَ مَوْقُوفُونَ[16] عَلی أَعْمَالِكُمْ،

وَ مَجْزِیُّونَ بِهَا، فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الْحَیَاةُ الدُّنْیَا، فَإِنَّهَا[17] دَارٌ بِالْبَلاَءِ مَحْفُوفَةٌ، وَ بِالْغَدْرِ مَعْرُوفَةٌ، وَ بِالْعَنَاءِ

[صفحه 459]

مَوْصُوفَةٌ، وَ كُلُّ مَا فیهَا إِلی زَوَالٍ، وَ هِیَ بَیْنَ أَهْلِهَا دُوَلٌ وَ سِجَالٌ[18].

لاَ تَدُومُ أَحْوَالُهَا، وَ لاَ یَسْلَمَ مِنْ شَرِّهَا[19] نُزَّالُهَا.

بَیْنَا أَهْلُهَا مِنْهَا فی رَخَاءٍ وَ سُرُورٍ، إِذَا هُمْ مِنْهَا فی بَلاَءٍ وَ غُرُورٍ[20].

أَحْوَالٌ مُخْتَلِفَةٌ، وَ تَارَاتٌ مُتَصَرِّفَةٌ.

اَلْعَیْشُ فیهَا مَذْمُومٌ، وَ الأَمَانُ فیهَا مَعْدُومٌ، وَ الرُّخَاءُ فیهَا لاَ یَدُومُ[21].

وَ إِنَّمَا أَهْلُهَا فیهَا أَغْرَاضٌ مُسْتَهْدَفَةٌ، تَرْمیهِمْ بِسِهَامِهَا، وَ تُفْنیهِمْ بِحِمَامِهَا، وَ كُلٌّ حَتْفُهُ فیهَا مَقْدُورٌ، وَ حَظُّهُ مِنْ نَوَائِبِهَا مَوْفُورٌ[22].

فَغُضُّوا عَنْكُمْ، عِبَادَ اللَّهِ، غُمُومَهَا وَ أَشْغَالَهَا، لِمَا قَدْ أَیْقَنْتُمْ بِهِ مِنْ فِرَاقِهَا وَ تَصَرُّفِ حَالاَتِهَا. فَاحْذَرُوهَا حَذَرَ الشَّفیقِ النَّاصِحِ، وَ الْمُجِدِّ الْكَادِحِ.

أَلاَ إِنَّهُ قَدْ قَعَدَ عَنْ نُصْرَتی رِجَالٌ مِنْكُمْ، فَأَنَا عَلَیْهِمْ عَاتِبٌ زَارٍ، فَاهْجُرُوهُمْ وَ أَسْمِعُوهُمْ مَا یَكْرَهُونَ حَتَّی تُعْتِبُوا[23]، أَوْ نَری مِنْهُمْ مَا نُحِبُّ وَ نَرْضی.

وَ لِیُعْرَفَ بِذَلِكَ حِزْبُ اللَّهِ عِنْدَ الْفُرْقَةِ[24].

[صفحه 460]


صفحه 458، 459، 460.








    1. ورد فی وقعة صفین ص 4. و الفتوح ج 2 ص 491. و البحار ( مجلد قدیم ) ج 8 ص 431. و منهاج البراعة ج 17 ص 175. و نهج السعادة ج 1 ص 433.
    2. المستحلّین. ورد فی كتاب الفتوح لابن أعثم ج 2 ص 491.
    3. مریم، 59.
    4. ورد فی وقعة صفین ص 3 و 4. و الفتوح ج 2 ص 491. و شرح ابن أبی الحدید ج 3 ص 103. و المناقب للخوارزمی ص 67.

      و تذكرة الخواص ص 116. و البحار ( مجلد قدیم ) ج 8 ص 431. و منهاج البراعة ج 4 ص 206 و ج 17 ص 175. و نهج السعادة ج 1 ص 432 و 433. و نهج البلاغة الثانی ص 114. باختلاف بین المصادر.

    5. أنصاری. ورد فی الإمامة و السیاسة لابن قتیبة ج 1 ص 165.
    6. إخوانی. ورد فی المصدر السابق.
    7. صحابتی علی جهاد عدوّی. ورد فی التاریخ للطبری ج 4 ص 58.
    8. ورد فی و ورد إتمام فی الإمامة و السیاسة لابن قتیبة ج 1 ص 165.
    9. ورد فی وقعة صفین ص 3. و الكافی ج 8 ص 50. و المناقب للخوارزمی ص 262. و شرح ابن أبی الحدید ج 3 ص 103. و البحار ( مجلد قدیم ) ج 8 ص 431. و منهاج البراعة ج 4 ص 206 و 296 و ج 17 ص 175. و نهج السعادة ج 2 ص 432 و ج 3 ص 128.

      باختلاف بین المصادر.

    10. ورد فی تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزی ص 116.
    11. ورد فی المصدر السابق.
    12. جذّاء. ورد فی نسخ النهج بروایة ثانیة.
    13. ورد فی كنز العمال للهندی ج 16 ص 23.
    14. ورد فی السقیفة لسلیم بن قیس ص 161. و نهج السعادة للمحمودی ج 2 ص 433.
    15. بأمّه. ورد فی متن منهاج البراعة للخوئی ج 4 ص 199.
    16. محاسبون. ورد فی تذكرة الخواص للسبط ابن الجوزی ص 116.
    17. ورد فی دستور معالم الحكم ص 36. و تاریخ دمشق ( ترجمة الإمام علی ) ج 3 ص 268. و المناقب للخوارزمی ص 67. و تذكرة الخواص ص 116. و نهج السعادة ج 3 ص 180. و مصادر نهج البلاغة ج 3 ص 168. باختلاف بین المصادر.
    18. ورد فی دستور معالم الحكم ص 36. و تاریخ دمشق ( ترجمة الإمام علی ) ج 3 ص 268. و المناقب للخوارزمی ص 67. و تذكرة الخواص ص 116. و كنز العمال ج 16 ص 201. و نهج السعادة ج 3 ص 180. باختلاف یسیر.
    19. ورد فی المصادر السابقة. باختلاف یسیر.
    20. ورد فی المصادر السابقة.
    21. ورد فی المصادر السابقة.
    22. ورد فی دستور معالم الحكم ص 37. و المناقب للخوارزمی ص 67. و تذكرة الخواص ص 117. و نهج السعادة ج 3 ص 181.

      باختلاف یسیر.

    23. یعتبونا. ورد فی الإرشاد للمفید ص 138. و البحار للمجلسی ( مجلد قدیم ) ج 8 ص 431.
    24. ورد فی المصدرین السابقین. و وقعة صفین ص 4. و الفتوح ج 2 ص 491. و شرح ابن أبی الحدید ج 3 ص 103. و نهج السعادة ج 1 ص 334. و نهج البلاغة الثانی ص 115. باختلاف بین المصادر.